واستمع الحجاج لخطبة عرفات التي امتدت من مسجد نمرة إلى العالم عبر 20 لغة ترجمت إليها، فيما أحاطت بالحجيج خدمات متكاملة ترعاهم بتدابير تنظيمية في المشعر الذي تصل مساحته إلى 10.4 كيلو مترات مربعة وتوفرت به كافة الخدمات الطبية والإسعافية والتموينية.
واكتسى مشعر عرفات ببياض لباس الإحرام، فيما تشكلت سحائب الضباب في أجواء المشعر بغية تخفيف درجات الحرارة التي ناهزت 47 درجة مئوية، كما انتشرت المظلات الشمسية للوقاية من الأشعة المتوجهة، تلبية لدعوات وزارة الصحة للوقاية من ضربات الشمس والصدمات الحرارية.
تصعيد الحجاج من منى إلى عرفات
وشهد مشعر عرفات وصول نائب أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس لجنة الحج المركزية الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز، لمتابعة خطط تصعيد الحجاج من منى إلى عرفات، ووضعها موضع التنفيذ لضمان استقرارهم بالمشعر قبل نفرتهم إلى مزدلفة، وتهيئة كافة الخدمات التي تكفل أمنهم وسلامتهم وأداءهم الشعيرة بيسر وطمأنينة، مؤكدا أن “حكومة خادم الحرمين الشريفين جندت قطاعاتها ومنسوبيها لخدمة ضيوف الرحمن، و تبذل لأجل راحتهم الغالي والنفيس”.
وأدى ضيوف الرحمن صلاتي الظهر والعصر قصرًا وجمعًا في وقت الظهر، فيما تفرّغ الحجاج لأداء الشعيرة ورفع الأكف للّه، مستقبلين القبلة، وفوق جبل الرحمة الذي يتوسط عرفات بشاخصه الشهير، ملبّين لدعوة خاتم النبيين بمباهاته بأتباعه الأمم يوم القيامة، في مشهد إيماني لبست فيه عرفات حلة طهرها، وتزف جموعها السعيدة ليوم عرسها السنوي.
وحثّ خطيب عرفات إمام الحرم المكي الدكتور ماهر المعيقلي، جموع المسلمين بأن من تقوى الله الواجبة أن يفرد العبد ربه بالعبادة فلا يصرف شيئًا منها لغيره سبحانه، كما أن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد أو تقليلها، وقررت أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وبكل ما تزدهر به الحياة وتحصل به التنمية ومنعت من الإضرار بالآخرين أو إلحاق الأذى بهم.
أداء مناسك الحج
وأكد الخطيب وجوب المحافظة على الضرورات الخمس التي اتفقت الشرائع على العناية بها وهي “حفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض”، بل اعتبر الشرع أن التعدي عليها جريمة، داعيًا كل مؤمن للسعى إلى المحافظة على تلك الضرورات؛ مما يؤدي إلى سلامة الخلق واستقرار الحياة وانتشار الأمن وتمكن الناس من تحصيل مصالحهم الدينية والدنيوية، وأن يتعاونوا مع غيرهم في ذلك تقربًا لله، وطلبًا لثوابه في الآخرة.
ولفت المعيقلي إلى أن على كل مسلم عدم تمكين العابثين من محاولة التأثير في مقاصد الشرع في المحافظة على تلك الضرورات، “فالحج إظهار للشعيرة وإخلاص في العبادة لله، وليس مكانًا للشعارات السياسية ولا التحزبات؛ مما يوجب الالتزام بالأنظمة والتعليمات التي تكفل أداء الحجاج لمناسكهم وشعائرهم بأمن وطمأنينة”، مذكرًا بأن يوم عرفة “موقف عظيم يباهي فيه الله ملائكته بأهل الموقف، فهذا موطن شريف وزمان فاضل تضاعف فيه الحسنات، وتغفر فيه السيئات، وترفع فيه الدرجات”.
جهود تبريد واتصال ونقل
وكانت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد قد هيأت مسجد نمرة بتغطيته بالسجاد وتوفير الخدمات الإلكترونية وشاشات تفاعلية إرشادية والواي فاي، وعملت على تلطيف أجواء الساحات الخلفية باستخدام تكنولوجيا تبريد الهواء بالضباب وامتصاص الطاقة الحرارية من الهواء الخارجي وخفض درجة حرارته، باستخدام ٦٠ مروحة موزعة على ٢٩ عمودًا خرسانيًا، كما يساعد المشروع على خفض درجة الحرارة الى أكثر من ٩ درجات مئوية؛ بهدف التيسير على ضيوف الرحمن والتخفيف عليهم من درجات الحرارة المرتفعة.
وفي محيط مسجد نمرة عززت منظومة النقل والخدمات اللوجستية من تجربة تبريد الطرق بتوسعها في تطبيقها بأكثر من 300% مقارنة بالعام الماضي وبمساحة تجاوزت 45 ألف متر مربع.
كما أعلن المتحدث باسمها صالح الزويد، كما تساهم تقنية الطرق المطاطية في تسهيل حركة ضيوف الرحمن الذين يعانون من المشي لمسافات طويلة، لضمان سلامتهم وراحتهم.
منصة منارة الحرمين
وضمن جهود رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي بثت خطبة عرفات عبر ترددات “FM” ومنصة منارة الحرمين إلى 20 لغة شملت الإنجليزية والفرنسية والإندونيسية والأردية والفارسية والإسبانية والمالاوية، وكذلك البرتغالية والروسية والبنغالية الصينية والتركية والهوسا والأمهرية، إضافة إلى الإيطالية والسواحلية والألمانية والفلبينية والبوسنية والمالايامية.
وأسهم قطار المشاعر المقدسة في حركة تصعيد الحجاج من منى إلى عرفات من الثامنة مساء ليواصل رحلاته حتى الحادية عشرة صباحا من يوم التاسع من ذي الحجة، ناقلًا آلاف الحجاج من محطات منى الثلاث إلى محطات عرفات الثلاث، بمشاركة أكثر من 7,500 موظف مُدرب يعملون على إدارة حركة حجاج بيت الله الحرام أثناء تنقلهم عبر القطار.
وسيتحول الحجيج من عرفات للمبيت بمزدلفة على بعد 6 كيلو مترات، ثم يتوجهون لرمي الجمرة الكبرى في مشعر منى، صبيحة اليوم العاشر الذي يمثل يوم النحر وعيد الأضحى، فيما هيأ مشروع المملكة للإفادة من الهدي والأضاحي ثمانية مجازر تصل طاقتها الاستيعابية إلى مليون رأس سنويًا وتلبية الهدي والأضاحي والفدية بحسب اختيار الحجيج.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.