جاء هذا في تقرير المنظمة لرصد التعليم لعام 2023 الذي نشرته اليوم الأربعاء تحت عنوان “التكنولوجيا في التعليم: من يضع شروط هذه الأداة؟”
وشددت اليونسكو على أن هناك حاجة للتفكير فيما يعنيه “أن تكون متعلّما جيدا في عالمٍ يشكّله الذكاء الاصطناعي”، مشيرة إلى أن الاستجابة المثالية أمام بروز التقنيات الجديدة تتمثل في وضع منهج دراسي متوازن يحافظ على تقديم الفنون والعلوم الإنسانية ويعزّزها ويحسّنها بُغْيَة تعزيز مسؤولية المتعلّمين وتعاطفهم وتوجّههم الأخلاقي وإبداعهم وتعاونهم.
وأضافت أن اعتماد نُظُم التدريس الذكية لا يعني استبدال المعلمين كليا بالذكاء الاصطناعي، بل تحمُّل المعلمين مسؤوليةً أكبر من أي وقتٍ مضى لمساعدة المجتمعات في تجاوز هذه المرحلة الحَرِجة.
وأشار التقرير إلى أهمية الوصول إلى إجماع بشأن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والقضاء على المخاطر الناجمة عن استخدامه بشكلٍ غير منضبط، وذلك من خلال الأنظمة المتعلقة بالأخلاقيات والمسؤولية والسلامة.
وصول غير متساو
وأوضح التقرير أن التكنولوجيا توفر شريان حياة تربوي لملايين الأشخاص، لكنها تستبعد الكثيرين، مشيرا إلى أن الحق في القدرة على الاتصال الإلكتروني غير متساوٍ في العالم حيث تبلغ نسبة الاتصال بالإنترنت 40 في المائة فقط من مدارس المرحلة الابتدائية و50 في المائة من مدارس المرحلة الأولى من التعليم الثانوي و65 في المائة من مدارس المرحلة العليا من التعليم الثانوي.
وقالت اليونسكو إنه رغم أن التعليم عن بعد حال دون انهيار التعليم أثناء إغلاق المدارس خلال جائحة كـوفيد-19 حيث تمتع بالتعلّم عن بُعد أكثر من مليار طالب، إلا أنه أخفق أيضا في الوصول إلى نصف مليار طالب على الأقل، أو 31 في المائة من الطلاب في جميع أنحاء العالم و72 في المائة من الطلاب الأشد فقرا.
ونوهت أيضا في تقريرها إلى أن الكثير من الطلاب يفتقرون إلى فرص لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في المدارس حتى في أكثر بلدان العالم ثراءً حيث يستخدم حوالي 10 في المائة فقط من الطلاب البالغين من العمر 15 عاما الأجهزة الرقمية لما يزيد عن ساعة في الأسبوع في مادتي الرياضيات والعلوم.
ودعا التقرير جميع البلدان إلى وضع معايير مرجعية لربط المدارس بالإنترنت من الآن وحتى عام 2030، وإلى استمرار التركيز على الفئات الأكثر تهميشاً.
تحسن وضرر محتمل
وأشار التقرير إلى أن التكنولوجيا الرقمية زادت “بشكل كبير” من سُبُل الحصول على موارد التعليم والتعلّم، مستشهدا بالمكتبة الوطنية الأكاديمية الرقمية في إثيوبيا والمكتبة الوطنية الرقمية في الهند وبوابة المعلمين في بنغلاديش.
ويذكر التقرير أدلة تثبت أن منافع التعلم تضمحل عند الإفراط في استخدام التكنولوجيا أو في حال عدم وجود معلم مؤهل. فعلى سبيل المثال، لا يحسِّن توزيع أجهزة الكمبيوتر على الطلاب من جودة التعلم إن لم يشارك المعلمون في العملية التربوية.
ونبه التقرير إلى أنه ثبت أن الهواتف الذكية أيضاً تشتت الانتباه عن التعلم، غير أنَّ أقل من ربع البلدان فقط تمنع استخدامها في المدارس.
وأشار كذلك إلى أن التكنولوجيا غير المنظمة تشكل تهديداً على الديمقراطية وحقوق الإنسان، على سبيل المثال من خلال انتهاك الخصوصية وتحفيز الكراهية. ويتعيَّن أن تكون نُظُم التعليم أفضل استعداداً للتوعية بالتكنولوجيا الرقمية وتقديم التعليم من خلالها.
دليل دقيق وسليم
وقالت اليونسكو في تقريرها إن هناك حاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لوجود دليل سليم ودقيق وغير متحيز للقيمة المضافة لاستخدام التكنولوجيا في التعلم، و“لكن هذا الدليل غير موجود”.
وأضافت أن العديد من البلدان تجهل التكاليف الطويلة الأجل للمشتريات التكنولوجية، فيما تتوسع سوق التكنولوجيا المستخدمة في التعليم بينما الاحتياجات التعليمية الأساسية لم تُلبَ بعد. وقد تزداد الفجوة الحالية في التمويل اللازم لتحقيق غايات الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة – وهو الحصول على تعليم جيد – بنسبة 50% بسبب التكاليف الناتجة عن تلبية الاحتياجات الأساسية للتعلم الرقمي في البلدان المنخفضة الدخل، والتكاليف الناتجة عن ربط جميع المدارس بشبكة الإنترنت في البلدان المتوسطة الدخل من الشريحة الدنيا.
وقد يكلّف التحول الرقمي الكامل للتعليم مع تأمين الاتصال بالإنترنت في المدارس والمنازل أكثر من مليار دولار أمريكي في اليوم ككلفة تشغيلية فقط.
تدريب لحماية الخصوصية
وربط التقرير بين المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والتطور التكنولوجي، نظرا للدور الأساسي الذي تلعبه هذه المهارات في العالم الرقمي، فالطلاب الذين يتمتعون بمهارات أفضل في مجال القراءة والكتابة يكونون أقل عرضة للخداع برسائل التصيد الإلكتروني.
وأفاد التقرير بأنه رغم احتياج المعلمين للحصول على تدريب ملائم، فإن نصف البلدان فقط في الوقت الحاضر لديها معايير لتطوير المهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهناك برامج قليلة تغطي تدريب المعلمين على الأمن السيبراني على الرغم من أن 5 في المائة من الهجمات التي تجري باستخدام برمجيات انتزاع الفدية تستهدف التعليم.
وأكد تقرير اليونسكو كذلك على أهمية ضمان حقوق مستخدمي التكنولوجيا بصورة أفضل لاسيما أن 16 في المائة فقط من البلدان تضمن خصوصية البيانات في مجال التعليم بموجب القانون.
يذكر أن التقرير نُشِر ضمن فعالية أقيمت في مونتيفيديو بأوروغواي واستضافتها اليونسكو ووزارة التربية والتعليم والثقافة في أوروغواي ومؤسسة سيبال بحضور 18 وزيراً للتعليم من مختلف أنحاء العالم.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.