ووصلت المملكة في الوقت الحالي إلى مراحل عالمية متقدمة في جودة التعليم، وما زالت قيادتها الرشيدة تشدد على أهمية دور التعليم والتعلم في بناء ورفعة الوطن، فبالتعليم ننهض ونرتقي كأمة.
ولا بدّ أن نحافظ على جودة التعليم لزيادة معارف ومهارات، وكما قال الوزير والسفير والأديب والشاعر غازي القصيبي -رحمه الله-: الطريق إلى التنمية يمر أولًا بالتعليم، وثانيًا بالتعليم، وثالثًا بالتعليم.
وكانت “الكتاتيب” أولى أماكن العلم في المملكة، ومفردها “كُتّاب” وهو موضع الكتابة، والمكان الذي يتلقى فيه الصبيان العلم، ويجتمعون فيه لحفظ القرآن الكريم قراءة وكتابة، وتلقي مبادئ الدين الإسلامي واللغة العربية وبعض العلوم الأخرى.
واشتهرت الكتاتيب في بلدان العالم الإسلامي، وعرفها المسلمون منذ فجر الإسلام، ومن هذه البلدان الجزيرة العربية خاصة في بلاد الحرمين الشريفين.
وكانت الكتاتيب قوام التعليم حتى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وفي المدينة المنورة لعب الكُتَّاب دوراً بارزاً في حياة المدنيين، فأول ما عرفه المسلمون في المدينة كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ـرضي الله عنه-.
ويدير الكُتَّاب معلم يطلق عليه عدة أسماء (المعلم والمؤدب والفقيه والملا)، ويشترط فيه عدة شروط، من أهمها رسوخ العقيدة الإسلامية، والإلمام بالمواد التي يدرّسها، ومراعاة ميول وحاجات الأطفال ومعاملتهم بالإحسان والتلطّف.
وإلى جانب المؤدب يوجد شخص آخر يسمى “العريف”، وهو أحد كبار الصبية النابهين الذي يشرف على زملائه في فترة غياب المؤدب.
ولم يقتصر دور المؤدب على تعليم الأطفال القراءة والكُتَّابة وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها، بل يحرص على تنشئتهم النشأة الصالحة، ويغرس في نفوسهم الأخلاق الحميدة والمبادئ الفاضلة.
ويُعد المسجد النبوي منارة للعلم على مر التاريخ، وذكر الشيخ جعفر فقيه في حديثه عن التعليم في المدينة المنورة في بداية القرن العشرين وفي حدود عام 1325هـ، أن عدد الكتاتيب في المسجد النبوي كان 6 كتاتيب.
كما ذكر ناجي الأنصاري في كتابه (التعليم في المدينة المنورة) أن عدد الكتاتيب بالمدينة المنورة في عام 1349هـ كان 3 كتاتيب أميرية في داخل المسجد النبوي الشريف، ومجموع التلاميذ فيها 125 تلميذًا، وعدد المعلمين فيها 6 معلمين.
وكان شيخ كل كتّاب من هذه الكتاتيب يتقاضى معاشًا من الخزينة النبوية مقداره 200 قرش عثماني، والعريف يتقاضى 100 قرش عثماني.
مع بداية العهد السعودي عام 1344هـ، أولت الحكومة السعودية الكتاتيب عنايتها، والإشراف عليها وتوجيه المعلمين فيها، وتخصيص الرواتب لهم، وتعليمهم طرق التدريس الحديثة، ومتابعة الالتزام بذلك.
ومنذ عام 1373هـ، أخذت هذه الكتاتيب سواء داخل المسجد النبوي أو في المدينة تتلاشى شيئًا فشيئًا، بعدما أخذت المدارس النظامية الحكومية والروضات الأهلية تزحف عليها وتحتل مكانتها.
ولم يبق من هذه الكتاتيب في المسجد إلا حلقات لتعليم القرآن الكريم، وحلقات أخرى لدروس العلم، وبلغ عدد حلقات تعليم القرآن الكريم للصغار عام 1430هـ، أكثر من 40 حلقة، يتعلم فيها أكثر من 1200 تلميذ.
تًعد مدرسة “الرحمانية بمكة” أقدم مدرسة حكومية في المملكة، إذ أُسست عام 1330هـ بجوار الحرم المكي الشريف، وزارها الملك عبد العزيز -رحمه الله-.
وأسسها الشيخ محمد حسين خياط، وسُميت “الصفا” ثم “المسعى”، وكان مقرها في المسعى، ودرس فيها ملكا العراق والأردن.
وفي عام 1354 هـ، زار الملك عبد العزيز المدرسة، وأطلق عليها اسم والده الإمام عبد الرحمن -رحمهما الله-، ودرس فيها عددٌ كبير من الطلاب، وظل مكانُها في المسعى حتى عام 1375 هـ.
وعند توسعة الحرم انتقلت للعديد من المقرات حتى عام 1415 هـ، فأقيم لها مبنى حكومي في حي الهجرة افتتحه الأمير ماجد بن عبدا لعزيز أمير منطقة مكة المكرمة -رحمه الله- في تلك الفترة، وما زالت قائمةً حتى اليوم.
تعد مدرسة “دار التوحيد” في محافظة الطائف صرحًا شاهدًا على بداية النهضة التعليمية في المملكة، وكانت أول مدرسة نظامية أسسها الملك عبد العزيز، عندما أمر -رحمه الله- في عام 1364هـ بإنشاء أول دار لتعليم العلوم العربية والشرعية.
ويؤكد المؤرخون أن مدرسة “دار التوحيد” تُعد النواة الأولى لكلية الشريعة في مكة المكرمة التي افتُتحت عام 1369هـ.
مدرسة “الفلاح”
أما مدرسة “الفلاح”، فقد تأسست في مكة المكرمة عام 1330هـ 1911م، وفي جدة عام 1323هـ 1905 م.
ومؤسسها هو الشيخ محمد علي زينل علي رضا، وكانت نواة المدرسة كُتَّاب الشيخ عبد الله حمدوه، إذ عُرضت عليه فكرة المدرسة فرحب بها ونقل طلاب كتابه اليها.
المدرسة الأميرية في الأحساء
تقع المدرسة الأميرية في سوق الأحساء القديم، وتُعد من أوائل المدارس في المنطقة حيث افتُتحت عام 1360هـ.
وسُمّيت المدرسة بمدرسة الهفوف الابتدائية، وجرى تحويلها إلى بيت الثقافة في عام 1434هـ.
وأطلقت وزارة التعليم بالشراكة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة” مبادرة “ساعة الذكاء الاصطناعي”، مستهدفة أكثر من 1300 مدرسة حكومية وأهلية في مختلف مناطق المملكة، كثاني مبادرات الأولمبياد الوطني للبرمجة والذكاء الاصطناعي “أذكى”.
وتستهدف المبادرة توعية طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية بالذكاء الاصطناعي ومستقبله المتطور، لتحفيز هذا الجيل على المضي قدمًا نحو عالم التقنيات المتقدمة، ولشحذ هممهم على الالتحاق بالأولمبياد الوطني.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.