وقال السفير “فارنو” في حوار خاص لـ” اليوم”، أن المنطقة الشرقية، لها أهمية خاصة في المملكة، اكتسبتها من موقعها الجغرافي ومواردها، مضيفا أن مركز “إثراء” يمكن مقارنته بأفضل المراكز الثقافية في أي مكان حول العالم، وثمن المساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في دعم معيشة العديد من الأشخاص الذين يواجهون ظروفاً صعبة حول العالم، وتلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة واليمن والسودان ومناطق أخرى.. وإلى تفاصيل الحوار.
حدثنا عن العمق التاريخي لطبيعة العلاقات التي تربط المملكة العربية السعودية بدول الاتحاد الأوروبي.
يالها من قصة طويلة ومثمرة، فقد نشأت العلاقات التاريخية بين أوروبا وشبه الجزيرة العربية منذ قرون بعيدة، وفي عام 1988، وقع الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي ترتيب تعاون، وأفتُتحت مندوبية الاتحاد الأوروبي لدى الرياض عام 2004، بالإضافة إلى المندوبية لدينا الآن 21 سفارة للدول الأعضاء بالرياض، وفي عام 2022، تبنى الاتحاد الأوروبي استراتيجية جديدة لمنطقة الخليج، ومنذ ذلك الحين، يعيش الجانبان أجواءً متميزة، كما نجري حواراً سياسياً بناءً مع شركائنا السعوديين ونعمل على تعزيز التبادل الاقتصادي والثقافي بيننا.
وفي العام الماضي، عيّن الاتحاد الأوروبي السيد لويجي دي مايو ممثلاً خاصاً لمنطقة الخليج، والذي يعمل بنشاط على تعزيز التعاون مع دول مجلس التعاون كافة، وخاصة المملكة العربية السعودية، كما تربطنا العديد من المسائل ذات الاهتمام المشترك، في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة والعالم المزيد من التحديات والتهديدات للسلم والأمن، ونحن نقدر للغاية التعاون مع المملكة كشريك استراتيجي، وفي شهر أكتوبر الماضي، نظمنا منتدى الاستثمار الأول بين الاتحاد والمملكة والذي يهدف إلى تعزيز نمو علاقاتنا الاقتصادية، ومؤخراً، أطلقنا غرفة التجارة الأوروبية بالمملكة، وهي الأولى من نوعها بالمنطقة، كما نشهد الاهتمام المتزايد من أصدقائنا السعوديين بكافة المجالات في أوروبا، بما في ذلك الثقافة والتعليم والأغذية، واستقبل مهرجان الأغذية الأوروبية الأول من نوعه العام الماضي بالرياض أكثر من 10 آلاف زائر، ونعمل حالياً على التحضير للنسخة الثانية من المهرجان، كما نفخر باستضافة المهرجان السنوي للسينما الأوروبية، والذي يعرض أفضل الأفلام الأوروبية للجمهور السعودي، ويساهم في إقامة العلاقات بين صناع الأفلام الأوروبيين والسعوديين.
خلال السنوات الماضية وتحديداً بعد إطلاق رؤية المملكة 2030 شهدت المملكة تطورات متسارعة فب المجالات العلمية والاقتصادية والرياضية والسياحية والتعليمة والترفيهية وغيرها، كيف رأيتم هذا المشهد وانعكاسه على العلاقات السعودية الأوروبية؟
أشعر بالانبهار الشديد بالخطوات التي اتخذتها المملكة في التطوير الاقتصادي والتحديث، وبشكلٍ أوسع، استمعنا لتطورات إيجابية للغاية من نظرائنا السعوديين خلال منتدى الاستثمار الأول من نوعه بين الاتحاد والمملكة حول جهودهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، وحقيقة أن الاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شريك تجاري للمملكة، ومصدر ثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة إليها، يشير إلى مدى تقديرنا لتلك التطورات. بإمكان تعزيز علاقاتنا الاقتصادية لمصلحتنا المشتركة دعم مستقبل المملكة الواعد.
وبعيداً عن العلاقات الاقتصادية، من الأهمية إنشاء الروابط الإنسانية بين أوروبا والمملكة، وهذا يعني بالضرورة التعرف على ثقافات كل جانب وقيمه وعاداته ورؤيته للمستقبل. فالاتحاد والمملكة لديهما الكثير ليقدمونه فيما يتعلق بالفرص السياحية، حيث يتمتع كلا الجانبين بتاريخ غني وتنوع طبيعي، فضلاً عن الابتكارات الحديثة.
أهمية خاصة
كما تعرفون، ينبغي على كل سفير التعرف على البلد الذي يعيش فيه، من هنا تأتي أهمية زيارتي للمنطقة الشرقية، والتي لها أهمية خاصة في المملكة، واكتسبت مكانتها من موقعها الجغرافي ومواردها، وعقدت اجتماعاً متميزاً مع صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، وتعرفت على الكثير من التطورات الجارية، واستعرضنا سُبل التعاون الثنائي الممكنة في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والرياضة.
كما عقدت اجتماعاً مثمراً مع ممثلي شركة أرامكو السعودية، وناقشنا مستقبل التحول في مجال الطاقة في المملكة وإمكانية التعاون بين الاتحاد والمملكة في مجال الهيدروجين وتقنيات الطاقة المتجددة، فضلاً عن فرص الاستثمار الأوروبية في قطاع الطاقة، فتلك الموضوعات تحظى بأهمية لدى الجانبين، وبعد ذلك، قضيت وقتاً رائعاً في مركز “إثراء”، وزُرت معرض “صافي الصفر” الحالي وأعمال بيتر ساندرز لتوثيق أسفاره حول العالم الإسلامي، وناقشنا إمكانية التبادل بين الاتحاد ومركز إثراء، كما كنت أتطلع قُدماً لمشاهدة الجمال المعماري لمبنى إثراء والذي أبهرني بشدة، ويمكننا مقارنة إثراء بأفضل المراكز الثقافية في أي مكان حول العالم، ثم عقدت حواراً شيقاً مع رئيس جامعة الملك فهد للبترول والمعادن د.محمد السقاف، حول إمكانية التعاون بين الاتحاد والمملكة في مجالات العلوم والتقنية، وبالأخص بموجب برنامجي إيراسموس+ وهورايزون أوروبا.
ما الخطوات القادمة لتعزيز الجهود المتكاملة بين المملكة وشركائها داخل الاتحاد الأوروبي؟
نواجه العديد من التحديات المشتركة، وعلينا العمل معاً لإيجاد الحلول، تشكل الحرب في غزة، والعدوان الروسي على أوكرانيا، مخاطر على السلم الدولي وتسبب خسائر غير مقبولة بين السكان المدنيين، وهناك صراعات وبؤر توتر إقليمية أخرى يجب أن تسترعي انتباهنا، كما يتعين علينا رفع جهودنا لإبطاء التغير المناخي والتقليل من آثاره، ويعاني الاقتصاد العالمي من التضخم الشديد والخلل في سلاسل الإمداد، كما يعاني السكان الأكثر فقراً أكثر من غيرهم، وإزاء هذه الخلفية، يمكننا الاعتماد على العلاقات المتميزة مع المملكة لمعالجة تلك التحديات مجتمعين.
ونعمل بشكلٍ يومي على التأكد من أن جهودنا، سواء أكانت في مجال المساعدة الإنسانية أو الحوار بشأن السلم والأمن أو التعاون في المجال الاقتصادي والمناخي، تسير في نفس الاتجاه. توحيد الجهود *المملكة تمد يد العون لمساندة ودعم الأفراد والدول الشقيقة عبر عدة مبادرات، امتداداً لدورها الإنساني ورسالتها العالمية في هذا المجال، حدثنا عن انعكاسات تلك الجهود؟ ** بالفعل، تؤدي المساعدات الإنسانية التي تقدمها المملكة دوراً رئيساً، في الوقت الحالي وخلال السنوات الماضية، في دعم معيشة العديد من الأشخاص الذين يواجهون ظروفاً صعبة، ونثمن المساهمات الحيوية التي تقدمها المملكة، وبالأخص من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في تلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة واليمن والسودان، من بين مناطق أخرى، وتُعد تلك المجالات أيضاً مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي حيث يخصص موارد كبيرة للمساعدات الإنسانية، ويعتبر الاتحاد الأوروبي المملكة شريكاً قيماً في هذا المجال، ونحن على استعداد لتوحيد جهودنا لتعزيز فعالية المساعدات التي نقدمها وتقليل الفجوات التمويلية في المنطقة والعالم.
مدينة نابضة
فازت الرياض باستضافة إكسبو 2030، بغالبية أصوات العالم.. كيف تقرأون المشهد والتطلعات المبنية على ذلك؟
نبارك للرياض فوزها بحق استضافة إكسبو2030، ذلك الإنجاز المهم ولسوف يعطي دفعة أخرى إلى المجتمع والاقتصاد السعودي، بموجب رؤية السعودية 2030، فالرياض حالياً مدينة نابضة بالحياة في طور التحول والتغيرات التي تحدث بسرعة كبيرة، مما يصعب من قدرتنا على تخيل كيف ستبدو المدينة عام 2030، نأمل النجاح الكبير لمعرض إكسبو2030، ويسعدنا أن نكون جزءاً من جهود تحقيقه.
أولوية كبرى
المملكة لها عدة مبادرات وإسهامات في سبيل مواجهة التحديات العالمية منها مبادرة السعودية الخضراء وهي ضمن جهود المملكة في السباق الذي يخوضه العالم ضد تغير المناخ، وتمهد الطريق نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة للجميع، حدثنا عن تأثير هذه المبادرات السعودية على المستوى العالمي؟
مبادرة السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، مبادرتان ملهمتان للمجتمع الدولي، فمواجهة تحديات التغير المناخي مسؤولية جماعية تشمل كافة الدول والمناطق حول العالم، يعتبر الاتحاد الأوروبي هذا الأمر أولوية كبرى ولدينا مبادرة “الاتفاق الأخضر الأوروبي”.
وتضرب المملكة مثلاً إيجابياً لباقي الدول، ليس في المنطقة فحسب، في الاستدامة وجودة أفضل للحياة. نثمن للغاية خطط المملكة لزراعة 10 مليار شجرة، والشيء الملفت للنظر أن مبادرة السعودية الخضراء تستند إلى التنويع الاقتصادي في مجال التحول الأخضر على سبيل المثال. وكثيراً ما نتحدث عن التغير المناخي بصفته عبئاً اقتصاديا، ولكن ينبغي علينا النظر للفرص التي تأتي مع تلك التغيرات، فمبادرة السعودية الخضراء هي أفضل دليل على إمكانية حدوث هذا الأمر.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.