أزمة هدر الطعام مستمرة طوال العام، لكن تتضخم في شهر رمضان الذي يشهد إقبالاً لافتاً على شراء السلع الغذائية، مما دفع وزارة الزراعة للتأكيد على أن الهدر الغذائي في المملكة يكلف البلاد نحو 40 مليار ريال سنوياً.
الوزارة أوضحت أن نسبة الغذاء المهدر تبلغ أكثر من 33% بما يعادل 4 ملايين طن سنويًا، فيما يهدر الفرد في المملكة ما يقارب من 184 كجم سنوياً.
ونظرًا لأهمية هذا الملف، تعمل المملكة على تعزيز استدامة الموارد الطبيعية، وتحسين نظم الاستهلاك، لتقليل نسبة الفقد والهدر إلى حدود 10% بحلول عام 2030م، إذ يشكل الفقد والهدر في الغذاء هاجساً عالمياً لآثاره الوخيمة على المستوي الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مما يؤدي إلى خسارة وهدر في الموارد النادرة التي تمثل جزءاً لا يتجزأ من عملية إنتاج الغذاء على غرار المياه والأراضي والطاقة والموارد البشرية وغيرها، وفقًا لما يشير إليه البرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر الغذائي” لتدوم”.
جهود السعودية لمواجهة الهدر
ومن ضمن جهود المملكة، تدشين وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي ووزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل، المؤسسة الأهلية لحفظ النعمة، والتي تعمل على الحد من الهدر الغذائي في مختلف مناطق المملكة.
وأكد الحقيل خلال كلمته في حفل التدشين والاجتماع الأول لمجلس الأمناء الذي أقيم في مقر وزارة الشؤون البلدية، أهمية حفظ النعم وعد الإسراف من منطلق ما حثت عليه تعاليم الإسلام، راجياً أن تسهم المؤسسة تحقيق الاستدامة وتعزيز الوعي المجتمعي للحد من الهدر الغذائي.
بينما شدد وزير البيئة على أن مبادرة إنشاء مؤسسة حفظ النعمة الأهلية تأتي خطوة مهمة في إطار العمل المؤسسي لدعم العمل الخيري لجمعيات حفظ النعمة بالمملكة، واستشعاراً بأهمية الحفاظ على الغذاء من الفقد والهدر.
جمعية خيرات لحفظ النعمة
وأكدت الجمعية أنها تحرص على الاستفادة من فائض الطعام وتقليل الهدر واستدامة الأمن الغذائي للأسر في مجتمع مدينة الرياض، معلنًا عن افتتاح فرع ثان للجمعية في جنوب الرياض يقع على شارع الفريان بهدف توسيع نطاق الخدمات.
وأولت الجمعية اهتماماً كبيراً بجميع مصادر الأغذية المعرضة للهدر فأنشأت لها مواقع في أسواق النفع العام في عتيقة والعزيزية وكذلك المروج والروابي للاستفادة من فائض الخضروات والفواكه وتوزيعها طازجة على الأسر المحتاجة وذلك بالتعاون وعقد الشراكات المجتمعية مع عدد من الجهات التي لها مسؤولية اجتماعية في هذا الجانب.
مشروع أطعموني
وحصلت “خيرات” على شهادة الجودة العالمية (iso:9001) في عام الماضي، وذلك بعد مراجعة توثيق وتقييم العمليات الإدارية وآليات سير العمل وجودة الخدمات المقدمة للمستفيدين.
وتقدم جمعية خيرات خدماتها عبر مشاريع عدة منها مشروع “لنحفظها التوعوي” الذي يسعى إلى نشر ثقافة حفظ النعمة وتقليل الهدر والمحافظة على الأمن الغذائي، ومشروع “أطعموني” الذي يوفر الوجبات الساخنة للمستفيدين من فائض الطعام وكذلك مشروع الإطعام المتحرك، فضلاً عن سلة الخير وإفطار صائم وفرحة العيد والأضاحي.
التكافل الاجتماعي
الأمر لا يتوقف عند جمعية “خيرات”، ومن هذا المنطلق جاءت فكرة جمع الفائض تأسياً بفكرة بنك الفقراء المعمول بها في كثير من الدول الإسلامية، لما لذلك من أهمية في دعم الشراكة والتوعية وتحقيق مفهوم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع، بالإضافة إلى مبدأ الحفاظ على النعم ووقايتها من الهدر، فكانت انطلاقة المشروع في عام 1430هـ .
المشروع يهدف إلى توعية المجتمع ونشر ثقافة حفظ النعم ووقايتها من الهدر، والتخفيف على الشريحة المستهدفة ومحاولة القضاء على الفقر، وخلق فرص عمل جديدة للشريحة المستهدفة بالدرجة الأولى.
كما تنفذ الجمعية الخيرية للطعام -إطعام- في مدينة الرياض مشروع حفظ النعمة داخل المراكز التجارية، للمحافظة على بقايا الوجبات الغذائية.
الجمعية الخيرية للطعام
ووضعت “إطعام” آليات عمل وخطط تنفيذ مع الجهات المشاركة في المشروع تضمن نجاحه وتحقيق أهدافه، وذلك للمحافظة على بقايا الوجبات الغذائية، ويبلغ عدد الجمعيات والمشروعات المرتبطة بحفظ النعمة أكثر من 30 جمعية بمختلف مناطق المملكة.
وهناك أيضًا بنك الطعام السعودي واختصارًا -إطعام- المعروف سابقًا بـ”الجمعية الخيرية للطعام”، وهو مؤسسة غير ربحية سعودية مُتخصصة بالطعام، مُرخصة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بدأ بتأسيسها في عام 2010م، وأعلن عن إشهارها رسميًا في 15 يونيو 2011م، بمبادرة من عدد من رجال الأعمال بالمنطقة الشرقية وعلى رأسهم عبداللطيف عبدالله الراجحي.
وانطلقت أعمال “إطعام” في مطلع 2012م في مدينة الدمام كأوّل بنك للطعام في المملكة ومنطقة الخليج العربي، ويقع مقرها الرئيس في مدينة الدمام، ولها أربعة أفرع في كل من: الرياض، وجدة، والأحساء والجبيل.
ثقافة حفظ النعمة
تعمل “إطعام” في مجال حفظ الموارد الغذائية من الهدر، وتقديم الطعام الآمن والمستدام للأسر التي يتعذر حصولها على الغذاء.
وتمتلك الجمعية مبادرات متعددة تهدف إلى نشر ثقافة حفظ النعمة، وصناعة عشرات الفرص الوظيفية للكفاءات الوطنية السعودية، ويتولى حفظ وتوزيع أكثر من 15 مليون وجبة من الهدر، وجمع وتوزيع أكثر من 700 ألف سلة غذائية، وتوظيف أكثر من 150 شابا سعوديا وشابة.
كما تعمل “إطعام” على إنشاء عدد من المشروعات لتؤمن لها الاستدامة المالية، لتدير من خلالها عملياتها التشغيلية مستندة على مجموعة من الرعايات الفعالة والاستثمارات المستدامة في مجال العقار والغذاء.
يذكر أن حجم الفقد والهدر الغذائي العالمي وفقاً لتقارير الأمم المتحدة يقدر بـ 1.3 مليار طن، ويمثل ثلث الطعام المنتج عالمياً.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.