وتُناقش الدورة سبعَ قضايا مُلِحَّة مدرجة على جدول أعمالها، تتصدرها قضية وَحدة الأمة الإسلامية، وفلسطين وحرب غزة، وتعطيل الملاحة في البحر الأحمر، إضافةً إلى الأوضاع في السودان، والإسلاموفوبيا، والإساءة للرموز الدينية.
واستهلَّت الدورة أعمالَها بكلمةٍ لمفتي عام المملكة أكَّد فيها أنَّ المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد -حفظهما الله- تعتزُّ بما حباها الله من مكانةٍ سامقةٍ في العالم كله، فهي محضن الحرمين الشريفين، ومهوى أفئدة المسلمين.
المحافل الإقليمية والدولية
وأضاف أنه من هذا المنطلق “حملت المملكة على عاتقها مسؤولية عظيمة تجاه المسلمين، فكانت سبَّاقة للاهتمام بقضاياهم، والعناية بشؤونهم، والسعي في معالجة مشكلاتهم، ومدِّ يد العون والإغاثة لهم، وصار ديدنها أن تقِفَ معهم في أزماتهم ومعاناتهم، وتدافع عنهم في المحافل الإقليمية والدولية”.
وشدَّد على أنَّ المملكة بذلت جهودًا في رأب الصدع وحلِّ الخلافات والنزاعات بين المسلمين، وسعتْ في تقريب وجهات نظرهم، وحثهِّم على الاجتماع والاتفاق والانسجام والوئام، مبيِّنًا أنه في سبيل تحقيق ذلك “قامت المملكة بتأسيس عددٍ من الهيئات والمجامع والمؤسسات المعنية بشؤون المسلمين، ودعم قضاياهم وحل أزماتهم.
وأكد أن احتضان المملكة لهذه المؤسسات ودعمها ومؤازرتها لَخيرُ دليلٍ على عناية قيادتها المتواصلة بالمسلمين، وتجلَّت هذه العناية في مجالات كثيرة ومتنوعة، قامت خلالَها المملكة بتقديم كافة أنواع الدعم المادي والمعنوي، لتعزيز الأمة المسلمة وتقويتها، وتجاوُز ما تواجهه من تحديات وأزمات، وحمايتها من كل خطرٍ يُهدِّدُ كيانها.
رابطة العالم الإسلامي
وتحدث سماحته عن رابطة العالم الإسلامي بوصفها من الجهات الرائدة التي تحتضُنها المملكة وترعاها؛ مؤكِّدًا أنَّ المجلسَ الأعلى للرابطة يسعى لتحقيق عددٍ من الأهداف النبيلة على المستوى الإقليمي والعالمي، ومن أهمِّ تلك الأهداف: نَشْرُ الفكر الوسطي، والحماية من التطرف والغلو والإرهاب، ونشر السلام والعدل، وتحرير الإنسانية من العبودية لغير الله، وتنمية التعارف والتعاون بين الشعوب، والمشاركة في الجهود الإغاثية والرعوية والتنمويّة حول العالم، والعمل على تعميق الوَحدة بين المسلمين وجمعِ كلمتهم.
وفي هذا الصدَّد، ثمَّن سماحة المفتي باسم المجلس الأعلى للرابطة “وثيقة بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”، الصادرة عن المؤتمر الجامع الذي عقدَتْه الرابطة بمشاركة نخبةٍ من علماء المذاهب الإسلامية في رحاب البيت العتيق في شهر رمضان المبارك من عام 1445هـــ، معربًا عن تأييد المجلس للمعاني الأخوية التي انتظمتها البنود الثمانيةُ والعشرون للوثيقة.
مكة المكرمة
وثمَّن الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين نائب رئيس المجلس الأعلى للرابطة الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى، خلالَ كلمته، ما اضطلع به المجلس الأعلى للرابطة من جهود ميمونة تستحقُّ الإشادة والتثمين، ومن ذلك ما سبَقَ من قرارات مهمة، من بينها تحديث نظامه الأساسي؛ لينسجم مع كون الرابطة منظمة دولية بحسب اتفاقية المقر بين الرابطة ودولة مقرها المملكة العربية السعودية.
وأكد أنه غيرُ خافٍ أنَّ الرابطة تُعد حسنةً من حسنات المملكة أهدتها للعالم الإسلامي؛ لتنطلق الرابطة من مهد الرسالة بمكة المكرمة في رحاب المملكة العربية السعودية للعالَـمين.
وأشار إلى أنَّه “في سياق السعي الحثيث من الرابطة نحو مهامِّها، وذلك من تأسيسها حتى اليوم، اضطلعتْ بمسؤوليتها بحسب رسالتها الإسلامية التي تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتُبيِّنُ للعالمين حقيقةَ دينِنَا الحنيف، وذلك في مواجهة الجهل والإغراض”، مُشدِّدًا على أنَّ الرابطة “اتخذتْ منهجًا وسَطًا في شأنها كلِّه؛ إنْ في الدعوة أو الحوار أو المناظرة، وحقَّقَت في هذا مكاسبَ عظيمةً شرقًا وغربًا”.
وقال العيسى: “لدينا نماذجُ متعددةٌ من جهلةٍ بالأمس، ومنهم من كان حادًّا في مواقفه، أصبحوا اليومَ إمَّا على استيعابٍ مُجرَّدٍ لحقيقة الإسلام، أو على قناعةٍ به، وفي الأول سلامةٌ من أذاه، وفي الثاني مكسَبٌ للإسلام والمهتدي إليه بالدخول فيه”.
وبين أن قاعدةَ الرابطة في هذا قولُ الحق سبحانه: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن))، وقوله تعالى: ((وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)).
قضايا العالم الإسلامي
بدوره، أكد الرئيس العام للشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أن اجتماعَ المجلس الأعلى للرابطة عكس تطلعات الأمة ليسودَ السَّلام والوئام كلَّ أرجاء المعمورة، ويستلهمَ المسلمون مبادئَ دينهم الحنيف الذي يدعو إلى وَحدة الصف ولمِّ الشمل والاستمساك بالعروة الوثقى؛ مشدِّدًا على ضرورة تعزيز الحوار بين الأديان السماوية والحضارات والثقافات، بما يخدم رسالة الدين الإسلامي الحنيف السمح.
وثمَّن جهودَ المملكة الرائدة، وقيادتها الرشيدة، في خدمة الإسلام والمسلمين والشعوب الإسلامية والإنسانية؛ حيث لم تألُ جهدًا في مناصرة قضايا العالم الإسلامي في كل المحافل الدولية العالمية، ودعم البرامج التوعوية، ونشر منهج الوسطية والاعتدال.
بدوره أشاد وزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في جمهورية مصر العربية، الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة مبروك، خلال كلمته، بِدَوْرِ رابطة العالم الإسلامي وأمينها العام، وجهودِها الرامية إلى إحلال السَّلام العالمي والإنساني.
ثقافة الحوار والتسامح
وخلال كلمته، قدَّم وزير الشؤون الدينية في الجمهورية التركية، الشيخ الدكتور علي أرباش الشكرَ للمملكةِ العربية السعودية وقيادتِها؛ لاحتضانهم الاجتماع، ولخدمتهم للإسلام والمسلمين.
وأثنى على جهود الرابطة وقيادتها وترشيحها له ليكون عُضوًا في المجلس الأعلى؛ مؤكِّدًا استعدادَ رئاسة الشؤون الدينية التركية للمساهمة مع الرابطة لتحقيق الأهداف المرجُوَّة، مشدِّدًا على أهميَّة العمل في سبيل توثيق عُرى الأواصِر بينَ المسلمين لتوحيد كلمتهم وصفوفهم.
وأشار إلى ضرورة ترسيخ مفاهيم الاعتدال والوسطيَّة، ونشر ثقافة الحوار والتسامح، والاهتمام بالأقلِّيَّات المسلمة والعمل على حل مشكلاتها.
يُذكر أنَّ المجلسَ الأعلى هو السُّلْطَةُ العُليا في الرابطة التي تعتمد كافة الخطط التي تتبنَّاها الأمانة العامة للرابطة، ويتكوَّن من (65) عضوًا؛ من الشخصيات الإسلامية المرموقة، يمثِّلون الشعوبَ والأقلياتِ المسلمةَ، ويُعيَّنُون بقرارٍ من المجلس، ويَجتمع دَوْرِيًّـا لاتخـاذ القرارات فيما يـُعرَض عليه مـن البحوث والقضايا.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.