وقدم المتطوعون الذين قدموا من جميع مناطق المملكة الـ13 ومثلوا قرابة 30 جامعة وكلية حكومية وأهلية في مختلف التخصصات الطبية، الخدمات الإسعافية لضيوف الرحمن من خلال 130 فرقة ميدانية انتشرت في المواقع الحيوية بالمشاعر المقدسة.
وخرج المتطوعون المشاركون بخبرات منوعة وقصص إنسانية تجلت فيها معدن المتطوع بحرصهم على تقديم أرقى خدمات صحية لضيوف الرحمن، ابتغاء الأجر وحرصا على دعوة من حاج في أيام مباركة.
دعوة مباركة
لم يكن يدور بخلد الشاب علي شيخ، أن تكون قصته مع حاج هندي وزوجته قبل خمس سنوات سبباً في عودته للمشاعر المقدسة من جديد متطوعاً في البرنامج التطوعي الصحي بالحج.
ويسترجع علي، الذي يدرس الطب والجراحة في جامعة جازان ويستعد للانتقال من الصف الخامس للسادس، قصته مع الحاج الهندي وزوجته عام 2019، حين جاء متطوعاً برفقة الكشافة وكان يستعد للالتحاق بالجامعة بعد أن أنهى المرحلة الثانوية.
وخلال عمله في المشاعر وجد زوجين تقدما بهما السن وهما في حال حزن شديدة وإعياء كبير بسبب بحثهما لوقت طويل عن مخيمهم، ليقرر أن يصطحبها باحثا عن مسكنهم الذي كان قريبا منهم.
وحين أوصلهم المخيم انهمرت دموعهما وبادرت الحاجة الهندية لتنزع بعض الأسوار الذهبية والأموال التي معها وقدمتها كهدية له شكراً على ما قدمه لهما، لكنها رفض وطلب منها أن تدعو له وكانت دعوتها المباركة سبباً في توفيقه في ذلك العام.
وأضاف: “سمعت كثيراً عن البرنامج التطوعي الصحي بالحج وقررت الالتحاق به لأسباب عديدة أهمها نيل شرف خدمة ضيوف الرحمن والحصول على دعواتهم واكتساب خبرات ميدانية وفتح آفاق جديدة لي بكسب مزيد من العلاقات”.
وتابع: “هناك الكثير من الأجر الذي يجده المتطوعين من خلال مساعدة الحجيج، حيث تجد نفسك أمام سيل من الدعوات بعد تقديم الخدمة الطبية”.
وامتدح الأجواء الجميلة في البرنامج الذي وصفه بأكثر تنظيما وفائدة من فرص تطوعية آخرى للطلاب.
متطوع اللحظات الأخيرة
كان يعيش الشاب مؤيد روكيني، القادم من جازان والذي يدرس في جامعتها بقسم الطب والجراحة، على أمل أن يكون ضمن قوافل المتطوعين هذا الموسم.
وبالفعل قدم في البرنامج التطوعي الصحي بالحج ، لكن الصدمة أفسدت هذا الحلم حين تم رفضه بسبب تقدمه متأخرًا للبرنامج.
لم تكن تلك نقطة النهاية في قصة تطوع مؤيد في البرنامج، ليقابل المشرف عبر اتصال مرئي، لينقلب حزنه لفرح ويتحول الأمل إلى حقيقة واقعة ليجد نفسه ضمن 550 طالب قدموا هذا الموسم في قوافل المتطوعين.
ويعدد روكيني، سبب التحاقه بالبرنامج بقوله :” لدي أهداف كثيره أهمها تقديم الخدمة لحجاج بيت الله الحرام والتعرف على طبيعة الحج وتنويع علاقاتي مع مجتمعات جديدة واكتساب مزيد من المعارف والخبرات”.
وعبر مؤيد عن اعتزازه وفخره بالتواجد ضمن كادر التطوع الصحي، مؤكداً على أن البيئة ساعدته قائلا “يلبون كل ما يريد المتطوع من خلال الأدوات والتأهيل ومساعدته على التركيز في خدمة ضيوف بيت الله الحرام”.
تجربة جديدة
غير مبالية بأشعة الشمس ودرجة الحرارة المرتفعة، تنطلق المتطوعة في القرني في المشاعر لتقديم الخدمات الإسعافية لحجاج بيت الله الحرام ضمن قافلة متطوعي البرنامج الصحي الـ16 الذي تنفذه الجمعية الخيرية للرعاية الصحية الأولية (درهم وقاية).
القرني، التي تمضي سنة الامتياز في التمريض بمدينة الملك عبدالله، تقضي عامها الثالث كمتطوعة في الحج بعد أن التحقت كمتطوعة في الهلال الأحمر لعامين قبل أن تلتحق بالبرنامج لأول مرة.
وتشير إلى أن الفوارق بين التجربتين كبيرة، خصوصا أن التطوع مع الهلال الأحمر كان محدودًا، بعكس البرنامج الذي تعيش فيه أجواء أسرية ونمت فيها موهبة القيادة، حيث تقود مجموعة من المتطوعات في الميدان ما أضاف لها مزيدًا من الخبرات.
وتؤكد القرني، أن من أهم أسباب حبها للعمل التطوعي، قصة لاتزال عالقة في ذاكرتها حين كانت متطوعة في مستشفى أجياد بجوار الحرم المكي، إذ جاءت حالة لطفلة تعاني من ضيق التنفس وكان حينها المستشفى مزدحمًا والأطباء منشغلون بعلاج حالات آخرى، فقررت أن تتشجع وتذهب للأطباء لطلب معاينه الفتاة.
وبالفعل استجابوا لها وجاؤوا للطفله التي كانت تنازع الموت وتدخلوا ووضعوها على جهاز التنفس، وبفضل الله عادت للتنفس بشكل طبيعي بعد أن كانت قاب قوسين من الموت، ومنذ ذلك اليوم تحرص على الالتحاق بالبرامج التطوعية سواء في المواسم أو طيلة أيام العام .
وتختم في حديثها بالتأكيد على كم الفوائد التي خرجت بها من البرنامج سواء على المستوى الشخصي أو المعرفي، ما ينمي شخصيتها ويعزز خبراتها ويزيد معرفتها.
سنة أولى تطوع
بهمة وعزيمة كبيرة تجلس غصون بافرج، على الأرض لتجهز حقائب المتطوعين بالمستلزمات اللازمة لمباشرة الحالات الإسعافية في المشاعر المقدسة.
وتخوض الفتاة التي تخرجت حديثاً من تخصص الصيدلية الإكلينكية من جامعة أم القرى، أول تجربة لها بالعمل التطوعي في موسم الحج، مشيرة إلى أن التحاقها ببرنامج تطوعي سابق مع جمعية ” درهم وقاية” لفترة قصيرة حببها بالعمل التطوعي مع الجمعية.
وأضافت: “التحقت بعدها بفريق برنامج التطوعي الصحي في الحج، حيث حرصت على أن أكون من مقدمة الصفوف لخدمة ضيوف بيت الله الحرام؛ ويزيدني ذلك فخراً وسعادة واعتزازً”.
وتتولي غضون، مع زميلاتها مهام تقديم الاسعافات الأولية للحجاج المصابين بالاعياء وضربات الشمس ومعالجة القدم السكرية حتى تعينهم على إكمال مناسكهم.
وشددت بافرج، على أنها تشعر أن الله اختارها واصطفاها للعمل على خدمة حجاجه وضيوفه، وهي فخورة بذلك، ولابد أن تقوم بهذه الأمانة والواجب من خلال تعزيز مفهوم الإحسان لهم من خلال تطوعها بالحج .
وتنصح غصون، كافة زميلاتها بالتطوع في البرنامج الصحي في الحج، لما لها من آثر بالغ في مساعدة المتخصصين في المهنة وتنمية شخصياتهم ونيل شرف خدمة ضيوف الرحمن.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.