جاء ذلك في كلمة ألقتها الناشطة الباكستانية والمدافعة عن التعليم في أبوجا بنيجيريا يوم الأربعاء بعد عشر سنوات بالضبط من خطابها التاريخي للشباب في “يوم ملالا” بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث دعت إلى اتخاذ إجراءات عالمية ضد الأمية والفقر والإرهاب.
يذكر أن ملالا يوسفزاي تعرضت لإطلاق نار من قبل حركة طالبان في عام 2012 بسبب دعوتها إلى تعليم الفتيات.
رسالة مليئة بالمشاعر
قدمت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة أمينة محمد ملالا، قائلة إنها تجاوزت الحدود والثقافات والأجيال، في حين أن رسالتها وشغفها أثرا في الناس في كل مكان.
وقالت: “ملالا تتحدانا باستمرار على تخيل عالم أقل تعصبا وأكثر تفهما واحتراما. عالم أقل كراهية وأكثر إنسانية. عالم أقل عنصرية وأكثر مساواة. عالم أقل جهلا وأكثر تعليما ومعرفة”.
وأضافت أن كلا من الأمم المتحدة وملالا تعرفان أن التعليم الجيد للفتيات والفتيان “ليس حلما، إنما هو حق أساسي من حقوق الإنسان”.
التركيز على تعليم الفتيات
في السنوات التي تلت خطابها الشهير في مقر الأمم المتحدة، أكملت ملالا دراستها الثانوية والجامعية، وزارت أكثر من 30 دولة، كما أنشأت صندوقا باسمها يعمل على تقليل الحواجز التي تعترض تعليم الفتيات.
وقالت في كلمتها إنها ألقت الكثير من الخطب وتحدثت مع العديد من القادة على مدى هذه الفترة، وأضافت: “في كل شيء فعلته، حاولت لفت انتباه العالم إلى فتيات مثلي – هناك ما يقرب من 120 مليون فتاة محرومة من الحق في التعليم بسبب الفقر والنظام الأبوي والمناخ والصراع”.
أمضت مالالا أيضاً عيد ميلادها في بلدان مختلفة خلال السنوات العشر الماضية، والتقت بفتيات لاجئات في الأردن والعراق وكينيا ورواندا، وفتيات الشعوب الأصلية في البرازيل.
وقامت بثلاث رحلات إلى نيجيريا وحدها حيث التقت بناشطات وشابات، وكذلك مع بعض أولياء الأمور الذين كانت بناتهم من بين 276 فتاة تم اختطافهن من مدرسة شيبوك في عام 2014.
نجاحات وتحديات
شاركت ملالا قصص بعض الشابات اللواتي قابلتهن على مر السنين وحصلن على شهادات جامعية وحتى بدأن بالعمل.
وقالت: “يجب أن نحتفل بالفتاة التي تذهب إلى الجامعة، وتحصل على وظيفة، وتختار متى وما إذا كانت ستتزوج. لكن يجب ألا نخدع أنفسنا في التفكير بأننا قد أحرزنا تقدما كافيا”.
وتابعت قائلة: “أريد أن أشجع أولئك اللواتي نجحن على الرغم من التحديات التي واجهنها. لكن قلبي يتألم لمن تسببنا في فشلهن. كل امرأة شابة مثلي لديها صديقات رأيناهن يتخلفن عن الركب – أولئك اللواتي أعاقتهن حكوماتهن ومجتمعاتهن وعائلاتهن”.
تغيير لا يذكر
وأشادت ملالا بالمبادرات العالمية لتعزيز التعليم والمساواة بين الجنسين، والتي ستساعد في تحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثل في توفير تعليم جيد للجميع بحلول عام 2030. إلا أنها أعادت التأكيد على أن “هذه الانتصارات الضئيلة لا يمكنها إخفاء قلة التغيير الذي حصل من أجل مئات الملايين من الفتيات”، بما في ذلك بسبب تداعيات جائحة كـوفيد-19.
كما سلطت رسولة الأمم المتحدة للسلام الضوء على الوضع في أفغانستان بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة قبل عامين. وأشارت إلى أنه في السابق، كانت واحدة من كل ثلاث نساء هناك مسجلة في الجامعة، لكن أفغانستان اليوم هي الدولة الوحيدة في العالم التي يُمنع فيها النساء والفتيات من متابعة تعليمهن.
وأضافت: “حتى عندما كنت مراهقة، أدركت أن التقدم قد يكون بطيئا. لكنني لم أتوقع أبدا أن أشهد انعكاسا كاملا. أغلقت أبواب المدارس بوجه فتيات البلد بأكمله، وهن محصورات في منازلهن ويفقدن الأمل”.
كن سببا للتغيير
في خطابها التاريخي بالمقر الدائم في عام 2013، شددت ملالا البالغة من العمر 16 عاما آنذاك على أن “طفلا واحدا ومعلما واحدا وقلما واحدا وكتابا واحدا يمكنهم تغيير العالم”.
ومنذ ذلك الحين، خف تفاؤلها، حيث قالت للحضور: “سأخبركم اليوم بما لم أكن أعرفه حينها. لا يستطيع طفل واحد، حتى مع أفضل الموارد والتشجيع، تغيير العالم. لا يمكن لرئيس واحد أو رئيس وزراء، ولا مدرس واحد أو ناشط واحد أو والد واحد – لا أحد يستطيع تغيير العالم بمفرده. الحقيقة هي أن التغيير يمكن أن يبدأ بشخص واحد فقط”.
الاستثمار في الفتيات
دعت ملالا إلى توحيد الجهود لبناء عالم يتمتع فيه جميع الأطفال بإمكانية الوصول إلى 12 عاما من التعليم الجيد، في حين يجب أن يتحمل القادة المسؤولية عن التزاماتهم بخصوص المساواة بين الجنسين والتعليم.
كما شددت على أهمية المجتمعات، قائلة: “أعتقد أن الكثير من المشاكل التي تواجهها الفتيات سيتم حلها إذا تمكنا من كسر القبضة الأبوية وكراهية النساء اللتين نُقنّعهما بالتقاليد الثقافية أو الدين”.
كشفت ملالا أنها عندما كانت في السادسة عشرة من عمرها، لم يكن بإمكانها تصور ما سيحدث في العقد المقبل، رغم أنها كانت متفائلة.
وأضافت: “اليوم، يمكنني رؤية المستقبل بشكل أكثر وضوحا لأنني قابلت قادة المستقبل. تدرك الفتيات قوة التعليم ويعملن على فتح بوابات المدارس على مصراعيها بما يكفي لدخول جميع الأطفال. أعلم أنه إذا قمنا بمطابقة تصميمهن، وقمنا بتمويل عملهن واتبعنا قيادتهن، فسنرى تقدما كبيرا في السنوات العشر القادمة”.
زيارات مدرسية
وفي إطار زيارتها إلى نيجيريا، سافرت نائبة الأمين العام يوم الثلاثاء إلى مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، بصحبة ملالا ووالدها ضياء الدين يوسفزاي، وهو أحد مؤسسي صندوق ملالا.
زار الوفد ثلاث مدارس تركز جميعها على توفير تعليم جيد للفتيات، وكثير منهن تأثرن بالعنف.
وتتوجه السيدة محمد إلى العاصمة البلجيكية بروكسل حيث ستنضم إلى الأمين العام للأمم المتحدة في اجتماعات الاتحاد الأوروبي.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.