هذا ما قاله الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية في سلطنة عمان خلال حوار مع أخبار الأمم المتحدة على هامش معرض يدعو إلى إعلاء قيم التسامح والأخوة الإنسانية بين البشر استضافته البعثة الدائمة لسلطنة لدى الأمم المتحدة.
وحضر الفعالية لفيف من مسؤولي الأمم المتحدة والدبلوماسيين في نيويورك.
معرض “التسامح الديني والتفاهم والتعايش بين الأمم والثقافات والأديان والحضارات، رسالة عـُمان” عرض لأول مرة في مقر الأمم المتحدة في عام 2019 ومؤسسه هو الدكتور محمد بن سعيد المعمري.
ويهدف المعرض، وفقا للدكتور المعمري، إلى نشر وتعزيز قيم التسامح والتفاهم والتعايش بين الأمم والحضارات والشعوب، وتغليب الحكمة على العنف، والاعتدال على التطرف والتعصب والانغلاق.
وأضاف أن المعرض يقدم تجربة عمان في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وكيف أنه يمكن للأمم والحضارات والشعوب أن تستفيد من هذه التجربة في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة داخل حضارتها وشعوبها.
كما يقدم المعرض أجوبة لكثير من “الأسئلة التي تثار حول الإسلام وعلاقته بالعنف والتطرف وكيف يتعامل الإسلام مع المرأة وعن حقوق الطفل”.
يخدم المحتوى الذي يقدمه المعرض أيضا أهـداف التنمية المستدامة لعام 2030.
لا بديل عن التسامح- لا بديل عن السلام
يقول الدكتور المعمري إن أفضل تعبير عن الأخوة الإنسانية يكون من خلال “المؤتلف الإنساني الذي يؤلف بين الناس على أسس القيم الإنسانية التي يشتركون عليها، ومن خلالها يستطيعون أن يتعايشوا ويتعاملوا، ويكون هناك نوع من التدافع الإيجابي بين بعضهم البعض طبعا هذا أمر مهم على الصعيد الإنساني، لا بديل عن التعايش لا بديل عن التسامح لا بديل عن السلام، لأن البديل عن السلام هو الحرب والنزاع والصراع”.
ويُنبّه الوزير العماني إلى أن العالم يئن الآن في كثير من بقاعه، بسبب الحروب والصراعات والأزمات، سواء من صنع الإنسان نفسه أو أنها كانت من البيئة أو من تغير المناخ أو غير ذلك.
وبالتالي “فلا بديل عن الإنسانية والعيش معا والعمل المشترك باعتبارنا أسرة إنسانية واحدة من أجل حماية كوكب الأرض وحماية المجتمعات وحماية الإنسان بغض النظر عن خلفياته ومعتقداته الفكرية”.
إذن للإنسان الحق في أن يعيش بكرامة وأن ينال حقوقه التي شرعها له الدين والقانون، وأن الإنسان مع أخيه الإنسان يشتركان معا في صنع حضارة إنسانية جميلة يعيش فيها الناس بمساواة وكرامة في هذه الأزمنة، ويهيئوا المهاد للأجيال القادمة بأن تعيش أيضا في سلام ومحبة ووئام.
ثلاثة عناصر لتحويل قيم الأخوة الإنسانية إلى واقع
كان مجلس الأمن الدولي قد عقد- لأول مرة- جلسة حول أهمية قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام والحفاظ عليه، كُللت بقرار صدر بالإجماع يدعو للتصدي لخطاب الكراهية والتمييز.
سألنا الدكتور المعمري عن إمكانية تحويل قيم الأخوة الإنسانية إلى واقع في حياة الناس، فقال إن ذلك يمكن أن يحدث من خلال المبادرات المشتركة وأضاف:
“يجب أن تُفعّل مبادئ الأمم المتحدة وقراراتها بقوة القانون، ولكن القانون وحده لا يكفي. لابد أن نُفعّل مع القانون لغة المصالح المشتركة التي تجمع بين الناس. ونحن لخصنا هذه النظرية من خلال ثلاثة عناصر مهمة هي المعرفة والتعارف والاعتراف”.
عنصر المعرفة هو الذي يعرف من خلاله الإنسان ما له وما عليه ويتعرف على الحضارات الأخرى، لكن المعرفة وحدها لا تكفي لا بد أن تنتقل هذه المعرفة إلى التفاعل المعرفي بين الناس وهو الذي تم التعبير عنه بالتعارف.
ورد في القرآن الكريم: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”.
ويؤكد الوزير المعمري أننا بحاجة إلى هذا التعارف وهو تفعيل المعرفة التي حصلنا عليها في الدائرة الأولى في محيطنا الإنساني من حيث إن هذه المعرفة تصنع الحضارة والمصالح المشتركة، وأن هذا التعارف يقرب الإنسان من أخيه الإنسان، ويصنع بين الناس جسورا من الإخاء والمودة.
كما أن هذا التعارف، وفقا للدكتور المعمري، يسهل المصالح المتبادلة بين الناس، سواء المصالح السياسية أو الاقتصادية أو غيرها.
لكن المعرفة والتعارف وحدهما لا يكفيان أيضا ولابد أن ننتقل إلى الدائرة الثالثة وهي دائرة الاعتراف وهي تعني الاعتراف بحقوق الناس وكرامتهم وما لهم من إنسانية ومحبة ومساواة للجميع.
فمن خلال المعرفة والتعارف والاعتراف نستطيع أن نكون أرضية مشتركة للناس جميعا من أجل أن يعيشوا في وئام ومحبة وتفاهم وأن يفعلوا القيم الإنسانية المشتركة التي لديهم.
ويرى الدكتور المعمري أنه من خلال هذه الثلاثية يمكن أن يكون لقرارات الأمم المتحدة قوة كي يتم تنفيذها على أرض الواقع، وأن يكون لجميع الدول والحضارات والأمم والثقافات في العالم صلات مشتركة من خلال هذا الفهم المشترك.
وأضاف:
“الناس يختلفون بطبيعة الحال، ولن تجد اثنين على كوكب الأرض يتشابهان في كل شيء، إذن الاختلاف سنة كونية والمشكلة ليست في الاختلاف وإنما في كيف نتعامل مع هذا الاختلاف. ونحن نرى أن ثلاثية المعرفة والتعارف والاعتراف هي الأسلوب الأمثل في التعامل مع هذا الاختلاف من أجل جعل هذا الاختلاف ثراء وتعددية في العالم، وصنع السلام في الحاضر والمستقبل”.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.