قالت مجلة” تايم” الأمريكية، فى تقرير لها عن الحادث، إن إبراهيم رئيسي، الذي تحطمت مروحيته في شمال غرب إيران، أمس الأحد، كان رئيسا لإيران ومرشحا يتنافس على خلافة الحاكم الفعلي للبلاد، المرشد الأعلى علي خامنئي، وكلا الموقعين السياسيين يحملان مستوى مخاطر مرتفع يمكن مقارنته تقريبا بمستوى السفر جوا داخل إيران، إذ أودت سلامة الطيران، التي تعرضت للخطر بسبب عقود من العقوبات والصيانة غير المتكافئة، بحياة عدد كبير من كبار المسؤولين الإيرانيين تقريبا، مثل “حرب الظل” مع إسرائيل، والتي ألقت أيضا بظلالها على وفاة رئيسي.
وحسب المجلة، لا يزال سبب الحادث، الذي أدى أيضا إلى وفاة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وحاكم مقاطعة أذربيجان الشرقية الإيرانية، وآخرين، قيد التحقيق، لكن أي نتيجة رسمية، كما تقول تايم، ستكون مفتوحة للتأويل، مثل الألعاب النارية التي أطلقت في شوارع طهران ليلة الأحد، هل كانوا يحتفلون عشية عطلة عيد ميلاد رضا، المعروف بالإمام الثامن؟ أم وفاة رئيسي، الرئيس المتشدد؟.
سقوط مروحية رئيسي
ولفتت المجلة إلى أن الشكوك كثيرة، مشيرة إلى أن الحادث جاء بعد شهرين من شن إيران هجوما صاروخيا وطائرات بدون طيار على إسرائيل، ردا على غارة جوية إسرائيلية أسفرت عن مقتل اثنين من كبار الجنرالات الإيرانيين في سوريا في الأول من أبريل، وكان رد إسرائيل الأولي على الهجوم المباشر غير المسبوق على أراضيها ضعيفا للغاية لدرجة أنها يمكن وصفها بأنها رمزية، وكان استهداف بطارية مضادة للطائرات تحرس منشأة نووية.
وأوضحت المجلة الأمريكية، أن موقع الحادث التكهنات، حيث سقطت مروحية رئيسي في غابة جبلية بالقرب من الحدود مع أذربيجان، وهي الدولة الأقل ودية بين جيران إيران، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها تحتفظ بعلاقات مع إسرائيل، ولها تاريخ في التعاون مع الموساد.
لكن الطقس كان أيضا مشتبها به، وأفادت الدولة الإيرانية أن الجهود المبذولة لتحديد موقع التحطم أعاقها الضباب والرياح والأمطار الغزيرة، ونشرت لقطات لطواقم الإنقاذ وهي تهرع عبر الضباب.
السياسة الداخلية لإيران
وألمحت المجلة الأمريكية إلى أن السياسة الداخلية للجمهورية الإسلامية، التي اشتهرت بوحشيتها في أفضل الأوقات، أصبحت أكثر وحشية في ضوء الشائعات المستمرة بأن خامنئي، الذي حكم لمدة 35 عاما، مريض.
ونقلت المجلة عن كريم سجادبور، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “إن وفاة رئيسي ستخلق أزمة خلافة في إيران، هو ومجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى البالغ من العمر 85 عاما، هما المرشحان الوحيدان اللذان تم الحديث عنهما لخلافة إيران، وفي الثقافة السياسية التآمرية في إيران، لن يعتقد سوى القليل أن وفاة رئيسي كانت عرضية”.
ذكرت مجلة” فورين بوليسى” الأمريكية، أن وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ألقت بمزيد من الشكوك على مستقبل البلاد والمنطقة.
الأوضاع في الشرق الأوسط
وقالت المجلة فى تحليل لها، إن وفاة رئيسي تضع نهاية لحقبة قصيرة ولكنها تحويلية في السياسة الإيرانية التي شهدت إنزلاق البلاد في اتجاه متشدد وهددت بوضع الشرق الأوسط على شفا حرب إقليمية.
وأضافت المجلة، إنه خلال ما يقرب من ثلاث سنوات في السلطة، قام رئيسي بنقل السياسة الداخلية والسياسة الاجتماعية في إيران في اتجاه أكثر تحفظًا، ودفع البلاد إلى دور الخصم الواضح للولايات المتحدة في المنطقة بعد سلفه حسن روحاني، الذي هزمه في الانتخابات الرئاسية عام 2017، وسعى أولا إلى تحقيق انفراجة مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل تكثيف الهجمات بالوكالة.
وتابعت المجلة، أن فترة ولاية رئيسي إيران شهدت تسريع تخصيب اليورانيوم وإبطاء المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة بعد أن خرجت الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018، أي قبل ثلاث سنوات من توليه منصبه.
ولفتت المجلة إلى أن إيران في عهد رئيسي دعمت روسيا في حربها ضد أوكرانيا من خلال تصدير كميات كبيرة من طائرات “شاهد” الانتحارية بدون طيار والمدفعية؛ وزيادة الهجمات التي تشنها الميليشيات الإقليمية الوكيلة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل بعد هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة فى أكتوبر الماضى؛ وقبل شهر واحد فقط من وفاته، شن هجوما ضخما بطائرات بدون طيار وصاروخ ضد إسرائيل.
انتخابات الرئاسة الإيرانية
وحسب المجلة، يقول الخبراء إنه بغض النظر عمن سيحل محل رئيسي، فمن غير المرجح أن تتغير الاستراتيجية التي اتبعها، بعد أن تم ترسيخها بين المستويات العليا في القيادة السياسية والدينية في إيران.
ونقلت المجلة عن بهنام بن طالبلو، وهو زميل بارز يركز على إيران في المركز البحثى “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” تعليقه قائلا” مع رئيسي ومن دونه، النظام راض تماما عن الطريقة التي اتبعها بعد 7 أكتوبر، قد تمكن النظام من مواصلة استراتيجية الموت بألف ضربة، بإطلاق النار مباشرة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل عبر وكلاء، ثم حتى مباشرة عدة مرات بنفسه من خلال الرد بالعين الذي رأيته في أبريل، وما زال ينظر إلى الأمر كأنه فاز بالجولة.”
وبموجب الدستور الإيراني، من المرجح أن يتولى النائب الأول للرئيس محمد مخبر منصب رئيس مجلس الوزراء خلال الخمسين يوما القادمة حتى يمكن الدعوة لإجراء انتخابات.
وترى “فورين بوليسى، أنه بعيدا عن أفق الانتخابات المبكرة والانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في العام المقبل، هناك احتمال بحدوث اضطرابات على قمة الطبقة الحاكمة في إيران.
الحرس الثوري الإيراني
وألمحت المجلة إلى أنه مع وجود سلسلة قصيرة من الخلفاء المحتملين لخامنئي البالغ من العمر 85 عاما، بخلاف نجله مجتبى خامنئي، فإن وفاة رئيسي قد تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في المستقبل السياسي للبلاد.
ولفتت المجلة إلى أن للحرس الثوري، وهو أكبر فرع من القوات المسلحة الإيرانية الذي يسيطر على مساحات كبيرة من اقتصاد البلاد، يمكن أن يستخدم الاضطرابات لتعزيز قبضته.
ونقلت المجلة عن ديفيد دي روش، الأستاذ في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لجامعة الدفاع الوطني والعقيد المتقاعد بالجيش الأمريكي: “لا يوجد وريث واضح إذا رحل خامنئى”، مشيرا إلى أن “الأمر المثير للاهتمام حقًا هو معرفة ما إذا كان الحرس الثوري الإيراني سيكمل إنقلابا بطيئا”.
وفاة إبراهيم رئيسي
وحسب المجلة، بينما قال الخبراء إنه من غير المرجح أن تظهر شخصية ليبرالية في الانتخابات المبكرة أو الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2025، فإن وفاة رئيسي قد تترك فرصة صغيرة لحركات الاحتجاج المتجددة التي استمرت تحت السطح.
ذكرت صحيفة” الجارديان” البريطانية، فى تحليل لها، إنه مع الوفاة المفاجئة للرئيس إبراهيم رئيسي، يجد النظام الإيراني نفسه بشكل غير متوقع في مواجهة الاضطرار إلى إجراء انتخابات لتعيين خليفة له، مشيرة إلى أن النظام سيختار ضمان سلامة الانتخابات التي لا يكون للمرشح الذي يختاره فيها أي منافس جدي، حتى لو أدى ذلك إلى انخفاض نسبة الإقبال على الانتخابات وخيبة أمل الناخبين.
وحسب الصحيفة، في ظل الضغوط الخارجية والداخلية الكبيرة التي يتعرض لها النظام، والتي تتمحور حول الحاجة الحتمية التي تلوح في الأفق إلى استبدال المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يبلغ من العمر 85 عاما، فمن غير المرجح أن يترك النظام الكثير للصدفة، وسيعتقد خامنئي وحلفاؤه أن هذه لحظة حاسمة بالنسبة للاستمرارية والأمن.
قالت صحيفة” فاينانشال تايمز” البريطانية، إن وفاة رئيسي وجهت ضربة صادمة للنظام الإيرانى ومرشده الأعلى علي خامنئي.
الاتفاق النووي الإيراني
وأضافت الصحيفة إن الأمر ليس أن رئيسي كان رئيسا بارزا ينتهج سياسات جذرية من شأنها إعادة تشكيل مستقبل الجمهورية، وسيحكم التاريخ بلا شك على أن فترة ولايته القصيرة كان لها تأثير أقل من تأثير أسلافه مثل محمد خاتمي، الذي اتبع أجندة أكثر إصلاحية، أو حسن روحاني، الوسطي الذي كان المهندس الرئيسي والمدافع عن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية.
وحسب الصحيفة، منذ لحظة انتخاب رئيسي رئيسا في عام 2021، خلفا لروحاني، كان يعتبر جزءا لا يتجزأ من خطط خامنئي لتعزيز نفوذ المتشددين في النظام وضمان خلافة سلسة للمنصب الأعلى في الجمهورية عندما يموت المرشد الأعلى البالغ من العمر 85 عاما في نهاية المطاف، وهذا هو الموضوع الذي هيمن على السياسة الإيرانية خلال العقد الماضي، وسيستمر في ذلك.
ولفتت الصحيفة إلى أن نجاح رئيسي في صناديق الاقتراع تم تصميمه، وبشكل واضح مع منع كبار المرشحين المحافظين والإصلاحيين من الترشح، وكان رجل الدين المتشدد البالغ من العمر 63 عاماً يعتبر على نطاق واسع أحد أتباع خامنئي، والمرشح الأوفر حظا لخلافته عندما يحين الوقت.
كما لفتت الصحيفة إلى أن التصويت العام هذا العام لأعضاء مجلس الخبراء، الهيئة التي ستختار المرشد الأعلى والتي كان رئيسي عضوا فيها منذ عام 2006، تم تصميمه على نحو مماثل، مشيرة إلى روحاني كان من بين أولئك الذين مُنعوا من الترشح، مما سمح لجيل جديد من المتشددين الأيديولوجيين بالصعود إلى الواجهة.
نجل المرشد الإيراني
ولم تحسم هيئة المحلفين بعد ما إذا كان رئيسي، الذي كانت رئاسته لا تحظى بشعبية كبيرة بين العديد من الإيرانيين وشابتها مشاكل اقتصادية مع ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الريال الإيراني، سيخلف خامنئي بالفعل.
وألمحت “فاينانشال تايمز” إلى أن نجل المرشد الأعلى، مجتبى خامنئى، هو المرشح البارز الآخر، لكن كرئيس، كان مخلصا لرئيسه بشكل لا يتزعزع، وساعد في تشكيل جبهة موحدة بين المحافظين، متجنبا الصدامات الداخلية التي عصفت بالرئاسات السابقة.
وكان من المتوقع أن يترشح رئيسي لولاية ثانية في الانتخابات المقررة العام المقبل، وبموجب الدستور، يتعين الآن إجراء التصويت في غضون 50 يوما، وهذا يعني أن خامنئي ومراكز السلطة الرئيسية الأخرى يجب أن تبدأ على وجه السرعة في الاستعداد للانتخابات المقبلة، مما يشكل تحديا جديدا لنظام يمر بفترة حساسة من تاريخه.
الاحتجاجات المناهضة بإيران
وخلصت ” فاينانشال تايمز” إلى أن وفاة رئيسي لن يكون لها أي تأثير ملحوظ على قرارات السياسة الداخلية والخارجية الرئيسية فى إيران، والتي يحددها خامنئي في نهاية المطاف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهورية الإيرانية لن تظهر أي علامة على الضعف أو عدم الاستقرار السياسي بعد موجات من الاحتجاجات المناهضة للنظام وخلال فترة من التوترات المتصاعدة مع الغرب وإسرائيل، والتي غذتها حرب إسرائيل على غزة.
وأوضحت الصحيفة أن الهدف الرئيسي لخامنئي، سواء كان ذلك من خلال السياسة الداخلية أو الخارجية، هو ضمان بقاء الجمهورية، مشيرة إلى أنه فقد ملازما موثوقاً به وهو رئيسي، ولكن من غير المرجح أن تؤدي وفاة الرئيس إلى تحويل خامنئي أو النظام عن المسار، مع تصميم المرشد الأعلى على الحفاظ على إرثه وقوة المتشددين الموالين.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.