وعند الحديث عن تاريخ الجامعة العربية، يجب أن نتذكر اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز بالملك فاروق ملك مصر – رحمهما الله – عام 1945م في جبل رضوى شمال غرب المملكة، إذ جرى خلاله دعم بنود إنشاء الجامعة.
وشهد اللقاء توافق الرؤى بين الملك عبد العزيز والملك فاروق تجاه إنشاء الجامعة العربية، وبدأت منه الخطوات الجدية نحو دخول المملكة لمنظومة الجامعة ودعمها بعد أن وافق الملك عبدالعزيز على بروتوكول الإسكندرية، ليتم الإعلان عن انضمام المملكة رسميًا للجامعة عام 1945م، وفقًا لما قاله أستاذ التاريخ السياسي في جامعة القصيم الدكتور خليفة بن عبد الرحمن المسعود لـ”واس”.
الوثائق التاريخية
الوثائق التاريخية في “دارة الملك عبدالعزيز” تشير إلى موقف الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – من إنشاء الجامعة العربية، فأكد بإحدى رسائله الخاصة بموضوع الجامعة أن المملكة العربية السعودية تود أن ترى كلمة الدول العربية مجتمعة ومتفقة على مبادئ وأسس متينة من شأنها أن تهدي إلى ماتصبو إليه الأمة العربية جمعاء دون النظر لجر مغنم لبعضها دون البعض، وأن يتم اتقاء المخاطر والحبائل التي تضر المصلحة العربية، وأن تكون الخطى معقولة ومضبوطة حتى لا تتعرض لما يعوق سيرها ويسد طريقها.
ووفقًا لهذه الوثائق، قدمت المملكة رسالة للجان العربية التحضيرية التي اجتمعت في الإسكندرية عام 1944م لبحث تأسيس الجامعة العربية تضمنت عددًا من المبادئ رأت فيها أهمية مراعاتها في مشروع الجامعة وهي: السعي لعقد حلف عربي يرمي إلى تضامن الدول العربية وتعاونها وسلامة كل منها، ويضمن حسن الجوار بينهم، وأن تحالف العرب وتكافلهم ليس موجها لأي غاية عدائية نحو أي أمة أو دولة أو جماعة من الدول، إنما هو أداة للدفاع عن النفس وإقرار السلم، وتأييد مبادئ العدل والحرية للجميع، فضلا عن تسهيل المعاملات التي تعزز العلاقات بين الدول الأعضاء.
ميثاق الجامعة العربية
وبالفعل وقعت المملكة في 16 يناير عام 1945م على ميثاق جامعة الدول العربية الذي عُرف باسم “بروتوكول الإسكندرية” ليتم في 22 مارس من العام نفسه إقرار ميثاق الجامعة في صورته النهائية، وأدخلت عليه التعديلات القانونية التي روعي في غالبيتها المبادئ التي قدمتها المملكة في رسالتها لاجتماعات اللجان التحضيرية عام 1944م.
وشمل ميثاق جامعة الدول العربية بيان الأهداف من وراء إنشائها والمتمثلة في تثبيت العلاقات الوثيقة والروابط العديدة التي تعزز تلاحم الدول العربية، والحرص على دعمها وتوطيدها على أساس احترام استقلال تلك الدول وسيادتها، وتوجيها لجهودها إلى مافيه خير البلاد العربية.
قمة أنشاص 1946
كانت مشاركة المملكة الأولى في قمم العربية في قمة أنشاص بالإسكندرية التي عقدت في عام 1946 بعد عام من تأسيس جامعة الدول العربية، بمشاركة سبع دول فقط هي الدول المؤسسة للجامعة العربية: المملكة ومصر، واليمن وسوريا والأردن والعراق ولبنان، وكان موضوعها الأساسي وقف العدوان على فلسطين والدعوة لتحرير الدول العربية من الاستعمار.
وحضر القمة من المملكة الأمير سعود بن عبدالعزيز آل سعود، ولي عهد المملكة آنذاك، وكل من الأمير عبد الله الأول ممثلا عن إمارة شرق الأردن التي تأسست بعد الانتداب البريطاني على فلسطين، وسيف الإسلام إبراهيم بن يحيى حميد الدين نجل إمام اليمن يحيى حميد الدين، وعبد الإله بن علي الهاشمي الوصي على عرش العراق، وبشارة الخوري أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال، وشكري القوتلي رئيس سوريا.
ولم يصدر بيان ختامي عن القمة، واكتفت بمجموعة من القرارات أهمها الدعوة لمساعد الشعوب العربية المستعمرة على نيل استقلالها، إذ أن كثيراً من الدول العربية لم تكن قد تحررت من المستعمرين بعد.
القضية الفلسطينية
وتضمن البيان الدعوة إلى جعل قضية فلسطين في قلب القضايا القومية، باعتبارها قطرا لا ينفصل عن باقي الأقطار العربية، كما أكدت على ضرورة الوقوف أمام الصهيونية، باعتبارها خطرا لا يداهم فلسطين وحسب وإنما جميع البلاد العربية والإسلامية.
ودعت القمة إلى وقف الهجرة اليهودية وقفا تاما، ومنع تسرب الأراضي العربية إلى أيدي الصهاينة، والعمل على تحقيق استقلال فلسطين.
وتبنت جامعة الدول العربية عقد مؤتمرات القمة العربية، لتحقيق الآمال العربية والدفاع عن قضايا العرب.
وعندما حاولت إسرائيل تحويل مجرى مياه نهر الأردن عام 1963م، دعت الجامعة العربية لعقد مؤتمر القمة العربية الأولى بعد استقلال معظم الدول العربية، وزيادة أعداد هذه الدول، فكانت قمة القاهرة في يناير عام 1964م والتي شاركت فيها المملكة بوفد برئاسة الملك سعود، واتخذت عدة قرارات، من أبرزها: الوقوف أمام المشروعات الإسرائيلية ودعم الوجود الفلسطيني.
تأسيس الجامعة العربية
تأسست جامعة الدول العربية في 22 مارس عام 1945م في العاصمة المصرية القاهرة؛ لتكون منظمة إقليمية للدول العربية في الشرق الأوسط، وتضم في عضويتها الدول الناطقة باللغة العربية التي تستخدمها كلغة رسمية.
ويوجد في الجامعة العربية العديد من المجالس الوزارية المتخصصة أبرزها المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تنضوي تحت مظلته المنظمات المتخصصة.
كما تضم عديد المجالس الوزارية التى تهتم بقضايا العمل العربي المشترك منها مجلس وزراء الإعلام العرب، ومجلس وزراء الصحة العرب؛ ومجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب؛ ومجلس وزراء البيئة والشباب والرياضة؛ والكهرباء والطاقة؛ والأرصاد الجوية والشؤون المناخية؛ والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتعاقب على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ثمانية مسؤولين وهم: عبدالرحمن عزام 1945- 1952م، ومحمد عبدالخالق حسونة 1952-1972م، ومحمود رياض 1972- 1979م، والشاذلي القليبي 1979- 1990م، والدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد 1991- 2001م، وعمرو موسى 2001- 2011م، والدكتور نبيل العربي 2011- 2016م، وأحمد أبو الغيط من 2016م حتى الآن.
اكتشاف المزيد من موقع UZ
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.